أبق على تواصل
ما زالت أزمة كورونا تخيم بظلالها على المجتمع الكويتي وغيره من المجتمعات الأخرى، ومعها القرارات التي تتخذها الحكومة الكويتية ما زالت تتصاعد بشكل تدريجي أملاً في الحد من انتشار هذا الوباء القاتل بين المقيمين على أرض الكويت من مواطنين ووافدين.
ومما لا شك فيه أن قرار الحكومة بوقف عمل العديد من الأنشطة وإغلاق أماكن التسوق والأندية والمعاهد الصحية ومراكز وصالات الترفيه – وهي تعد بطبيعتها متنفساً للكثيرين – كان أمراً لازماً للحد من انتقال العدوى بين مرتادي هذه الأماكن من محبي ممارسة الرياضة والترفيه وغيرهم.
ولما كانت معظم هذه الأندية والمعاهد الصحية ومراكز وصالات الترفيه يُتطلب الاستفادة من خدماتها أن يكون الشخص عضواً بها عن طريق استيفائه للاشتراطات التي تحددها وتقديمه الأوراق المطلوبة وأدائه للاشتراكات اللازمة لقيده كعضو بها، فيثور التساؤل حول أثر الأزمة الراهنة والقرارات الصادرة بشأنها حول مصير هذه العضويات والاشتراكات المتعلقة بها.
بمطالعتنا لقانون الرياضة الكويتي رقم 87 لسنة 2017، نجد أنه قام في البداية بتعريف النادي الرياضي بأنه كل كيان يتم إنشاؤه لمدة غير محدودة، بغرض تنظيم أو ممارسة الرياضة ولا يهدف إلى تحقيق الربح بصفة أساسية. وباستكمال قراءة نصوص هذا القانون نجد أنه لم يتعرض لهذه الفرضية التي يكون أعضاء النادي فيها قد أدوا اشتراكاتهم الدورية – بصورة سنوية غالباً – من دون استفادتهم من مقابل هذه الاشتراكات لفترة معينة، وقد تماثل موقف قانون التجارة الكويتي مع موقف قانون الرياضة في هذا الشأن.
وإزاء صمت كلٍ من قانون الرياضة وقانون التجارة بشأن هذا الوضع، نجد أنفسنا مضطرين إلى اللجوء للقانون المدني – باعتباره الشريعة العامة التي يلجأ إليها عند خلو القوانين الخاصة من حكم للمسألة المعروضة – وبصفة خاصة المادة 215 من هذا القانون التي تتعرض للآثار المترتبة على استحالة تنفيذ الالتزام لوجود سبب أجنبي.
وبتحليل العلاقة بين النادي والعضو نجد أنها علاقة تعاقدية، يكون كل طرف فيها دائناً ومديناً في الوقت ذاته، فالنادي دائن بمقابل الاشتراك ومدين بالخدمات الرياضية والترفيهية التي يقدمها، وبالمقابل فإن العضو يعد دائناً بهذه الخدمات ومديناً بمقابل الاشتراك.
وبتطبيق نص المادة 215 مدني على هذه العلاقة في ظل الظروف الراهنة، نجد أن التزام النادي بتقديم خدماته الرياضية والترفيهية لأعضائه قد أضحى مستحيلاً لسبب أجنبي يتمثل في قرار الدولة بإغلاق الأندية بسبب جائحة كورونا. لكن لما كانت هذه الاستحالة مؤقتة وستنقضي – إن شاء الله – بانقضاء سببها وبمجرد إعلان الدولة إعادة فتح هذه الأندية مرة أخرى، فإنه يترتب على ذلك عدم انقضاء هذه العلاقة التعاقدية بقوة القانون، وإنما مجرد وقف الالتزامات المتقابلة للطرفين – النادي والعضو – خلال فترة الاستحالة؛ فيتوقف النادي عن توفير خدماته خلال فترة الإغلاق، وبالتبعية يتحلل العضو من التزامه المقابل بأداء الاشتراك عن هذه الفترة.
وبعد انقضاء هذه الفترة يكون للعضو – باعتباره الدائن بالالتزام الذي أضحى مستحيلاً – الخيار بين أمرين إما فسخ العقد أو الاستمرار فيه، حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 215 مدني على أنه: «إن كانت الاستحالة جزئية، كان للدائن بحسب الأحوال، أن يتمسك بالعقد فيما بقي ممكن التنفيذ، أو أن يطلب فسخ العقد».
وبالنظر إلى أن معظم – إن لم يكن كل – الأندية تشترط أداء مقابل الاشتراكات بشكل مقدم، بالتالي يكون في رأينا للأعضاء في هذه الأندية استرداد المبالغ المؤداة عن فترة وقف العقد:
1 – إما بشكل مباشر: عن طريق مطالبة النادي بها، كما لو كان مبلغ الاشتراك السنوي 3000 دينار كويتي واستمرت فترة إغلاق النادي أربعة أشهر، فيكون للعضو مطالبة النادي برد مبلغ (1000 دينار كويتي) وهو ما يمثل المقابل المدفوع مسبقاً عن فترة التوقف.
2 – أو بشكل غير مباشر: عن طريق إضافة هذه الفترة إلى مدة العضوية بجعل مدة العضوية المؤدى عنها الاشتراك عاماً وأربعة أشهر مثلاً بدلاً من عام واحد.
في النهاية، وترتيباً على ما سبق، نهيب بمجالس إدارات الأندية الرياضية والقائمين على إدارة المعاهد الصحية ومراكز وصالات الترفيه وجميع الأماكن التي تقدم خدماتها الرياضية والترفيهية للجمهور مقابل اشتراكات دورية، التعاون من أجل تجاوز هذه الأزمة بأخف الأضرار، وبتطبيق نصوص وأحكام القانون في ما يتعلق بالعضويات والاشتراكات الخاصة بهذه الأماكن، وذلك بعدم تحصيل اشتراكات عن فترة الإغلاق – إن لم يكن قد تم تحصيلها – أو برد ما تم تحصيله منها بما يعادل فترة الإغلاق كما سبق أن أوضحنا.
المحامي / عبدالرزاق عبدالله
E-mail: azq@aaplf.com
المصدر https://www.alqabas.com