alt
مكتب عبد الرزاق عبد الله ومشاركوه للمحاماة & الإستشارات القانونية منذ 1972

أحدث مقالاتنا

أبق على تواصل

حبس المدين المفلس غير جائز

تطرقت القبس الغراء إلى اللائحة التنفيذية لقانون الإفلاس الجديد الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 2020، موضحة أنه بعد ثلاثة أشهر من نشر اللائحة لن يكون هناك إجراء في الكويت تحت مسمى «ضبط وإحضار» في إجراءات التقاضي الخاصة بالمطالبات المالية، وأنه وفقاً لقانون الإفلاس فإن كل قرارات الضبط والإحضار سيتم إلغاؤها بعد نفاذ أحكام القانون.

إن ما جاءت به اللائحة التنفيذية لقانون الإفلاس ليس بجديد، حيث أن حبس المدين المفلس غير جائز أصلاً قبل صدور قانون الإفلاس ولائحته التنفيذية، باعتبار أن المدين، الذي هو على وشك الإفلاس، لا يعتبر قادراً على سداد ديونه، والملاءة والقدرة على السداد من الشروط اللازمة لإمكانية إصدار أمر الحبس، وحبس المدين وسيلة من وسائل التنفيذ الواردة في قانون المرافعات المدنية والتجارية تحت الباب الثاني – التنفيذ المباشر، إذ لا يعتبر القانون عدم الوفاء بالدين جريمة ولا يعتبر حبس المدين عقوبة جنائية، لذلك فإن الحبس يتم بناء على طلب الدائن، وليس عن طريق النيابة أو جهات التحقيق، فهو وسيلة لإجبار المدين على الوفاء بالدين، فإذا تم الوفاء بالدين، سواء من المدين أو من الغير، أو وافق الدائن على إسقاط أمر الحبس أثناء مدة الحبس، فإنه يتم الإفراج عن المدين فوراً.

ويشترط القانون شروطاً معينة لجواز حبس المدين، ومن أهم هذه الشروط أن يكون مليئاً من الناحية المالية، وأن يكون قادراً على السداد، وعلى الدائن إثبات هذين الشرطين، فإذا كان المدين معسراً أو متعثّراً لا يمكنه السداد، فإنه لا يجوز حبسه، لذلك فإن ما جاء في اللائحة التنفيذية بعدم جواز إصدار أمر الضبط والإحضار للمدين المفلس ليس بجديد، وهو موجود أصلاً في نصوص قانون المرافعات المدنية والتجارية.

والجدير بالذكر أنه يجب أن يكون الدين قد صدر به حكم أو أمر أداء نهائي، إذ لا يكفي أن يكون الحكم صادراً بصفة ابتدائية، حتى لو كان مشمولاً بالنفاذ المعجل، وكذلك لا يمكن طلب حبس المدين بموجب إقرارات الدين المذيلة بالصيغة التنفيذية، إلى جانب ما سلف، فإنه لا يجوز حبس المدين لو توافرت فيه الشروط السابق الإشارة إليها إذا كان قد تجاوز الخامسة والستين من العمر، وإذا تجاوز المدين خلال فترة حبسه الخامسة والستين فإنه يخلى سبيله فوراً.

ومن الحالات التي يمتنع فيها إصدار أمر بحبس المدين إذا كان له أولاد لم يبلغوا سن الخامسة عشرة عاماً، وكان زوجه متوفاة أو محبوسة، وحكمة المشرع هنا: عدم حرمان الأولاد من رعاية الوالدين معاً بسبب دين مدني.

ويمتنع الحبس أيضاً إذا كان المدين زوجاً للدائن أو من أصوله أو فروعه ما لم يكن لدين نفقة، وذلك محافظة على ترابط الأسرة، وما استثناء دين النفقة هنا إلا ما لأهمية النفقة للمعيشة والحاجة والعوز.

كفالة مصرفية

ويمتنع إصدار أمر الحبس إذا قدم المدين كفالة مصرفية كافية أو كفيلاً مقتدراً يقبله المختص بإصدار الأمر فلا تكون حاجة لحبس المدين في مثل هذه الحالة حيث يكون أبدى استعداده للسداد وقدم كفيلاً يضمن ذلك.

ويجوز حبس المدين أياً كانت جنسيته أو عمله، سواء كان رجلاً أو امرأة، وبالنسبة إلى الشركات والشخصيات الاعتبارية فيجوز حبس ممثلها القانوني، وقبل الختام يجب التنويه إلى أن مدة حبس المدين هي ستة أشهر بالنسبة إلى الدين الواحد وهو حد أقصى لا يجوز تجاوزه، ولكن يجوز أن تقل مدة الحبس عن ذلك حسب تقدير قاضي التنفيذ، وكما يمكن تجزئة المدة على فترات بحيث لا تزيد في مجموعها على ستة أشهر. وإذا تم حبس المدين لمدة أقل من ستة أشهر فإنه يجوز للدائن أن يطلب حبسه مرة ثانية إذا كانت الشروط ما زالت متوافرة، أما إذا أكمل المدين مدة ستة أشهر فليس للدائن طلب حبسه عن ذات الدين مرة أخرى، ولكن إذا تعددت الديون فإنه يجوز حبس المدين ستة أشهر عن كل دين إذا امتنع عن الوفاء وتوافرت شروط الحبس ولم تكن هناك أي من موانع الحبس.

إلا أنه في مثل هذه الحالات يستشف قاضي التنفيذ عدم قدرة المدين على الوفاء إذا كان قد قضى فترة طويلة في الحبس أو أكمل مدة الحبس لدين واحد، وبالتالي أصبحت هذه قرينة على الإعسار فلا يصدر القاضي أمره بالحبس إلا إذا تقدم الدائن بأدلة جديدة تثبت قدرته، وإذا كان المدين معسراً وسقط عنه الحبس ثم أصبح ميسوراً بعد ذلك جاز حبسه مرة أخرى.

والآن بعد صدور اللائحة التنفيذية لقانون الإفلاس فأصبح للمدين أن يتمسك بما جاء باللائحة بعدم جواز حبسه أو بنصوص قانون المرافعات التي تحميه من الحبس كونه مدينا معسرا غير قادر على السداد ومغلول اليدين.

المحامي عبدالرزاق عبدالله

azq@aaplf.com

المصدر    https://www.alqabas.com

المزيد من مقالاتنا
This site is registered on wpml.org as a development site.