أبق على تواصل
تلقت اقتصاديات منطقة الخليج ضربة مزدوجة من تفشي وباء كورونا واستمرار هبوط أسعار النفط، ونتيجة للإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الحكومة لمواجهة تداعيات تفشي وباء كورونا تعطلت كثير من الأعمال والأنشطة الاقتصادية وبرزت نتيجة ذلك مشكلة العمالة المتكدسة إلى الواجهة.
ودخل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي على الخط، محرضين السلطات والمجتمع ضد العمالة الوافدة من دون تمييز بين من قدم إلى البلاد بصورة قانونية سليمة وبين العمالة الهامشية السائبة، ومطالبين بسرعة الاستغناء عنهم وترحيلهم بادعاء أنهم يشكلون خطراً حقيقياً على الأمن الوطني وليس فقط على الجانب الاقتصادي.
وقد تجاوبت الحكومة مع هذه النداءات وقام المسؤولون بالتلميح والتصريح إلى ضرورة الاستغناء عن العمالة الوافدة، بل أعلنت كثير من الجهات بوقف تعيينهم والاستغناء عن خدمات كثير منهم، وأعطت الحكومة الضوء الأخضر للقطاع الخاص للقيام بعمليات تصفية واسعة للعمالة الوافدة وخفض كبير في الرواتب. كما تدرس الحكومة فرض قيود على استقدام العمالة.
لا أحد ينكر الجهد المبذول من العمالة الوافدة في رفع الإنتاج والمساهمة في نهضة الكويت، ولكن المشكلة تكمن أن الاستراتيجية المعتمدة ورؤيتنا الاقتصادية ترتكز على العمالة الوافدة الرخيصة وليس على العمالة الماهرة وجودة الإنتاج، كما أن التساهل وضعف الرقابة في تطبيق القانون فتحا المجال لضعاف النفوس بالمتاجرة بهم وأصبح سوق العمل يعاني من ازدياد العمالة غير النظامية، حتى أصبح كثير منهم من أصحاب أعمال يزاحمون المواطن في مجالات شتى.
إن ترحيل العمالة الهامشية سينعكس إيجاباً على الدولة في جميع قطاعاتها وعلى قطاع الأعمال، وليس له تأثير سلبي على الجانب الاستثماري، حيث إن هذه العمالة لا تقطن في المناطق الاستثمارية، وإنما هي متكدسة باعداد كبيرة في وحدات سكنية رخيصة، وهي لا تؤثر في الإنفاق المحلي وليس لها قوة شرائية.
إن الرؤية المستقبلية للاقتصاد يجب أن تتركز على العمالة الماهرة ووفق القنوات القانونية السليمة وحسب احتياجات سوق العمل، وليس بعشوائية ومحسوبية ومصالح شخصية متى ما كان هدفنا جعل الكويت مركزا ماليا عالميا، ونطمح إلى بناء بلد حديث يواكب التطور، فاليد العاملة عامل أساسي في البناء والتطوير والتقدم لخلق سوق ودورة اقتصادية وبيئة أعمال حاضنة للاستثمار الأجنبي.
المحامي عبدالرزاق عبدالله
المصدر https://www.alqabas.com