KEEP IN TOUCH
كشفت جائحة كورونا الغطاء عن تعاظم الفساد في تصاريح العمل، وظهرت إلى الواجهة مرة أخرى المطالبة بنظام «اللا كفيل»، بحيث إن أصابع الاتهام أشارت إلى قانون العمل ووجوب إلغاء هذا القانون، باعتباره المسبب الأول لمشكلة العمالة الوافدة في الكويت.
وقد شاع بين العامة وبعض المختصين، ومنهم منظمات دولية، تسمية صاحب العمل بالكفيل، مع أنه تعبير خاطئ، حيث إنه من الناحية القانونية الكفيل هو الضامن، وقد عرّف القانون المدني الكفالة بأنه عقد بمقتضاه يضم شخص ذمته المالية إلى ذمة شخص آخر في تنفيذ التزام عليه، بحيث يتعهد للدائن بأداء هذا الالتزام إذا لم يؤده المدين.
أما ما يسمى خطأ بالكفيل في سوق العمل، فما هو إلا صاحب عمل يرتبط بعقد عمل مع العامل، ولا يتحمل عنه أي التزامات، وهو غير مسؤول عن تصرفاته، وليست له عليه أي سلطة، وله كامل الحرية والتحرك، وليست له أي سلطة أخرى سوى ما هو محدد بعقد العمل، ويمكن للعامل السفر متى ما شاء، ولا يتطلب منه تقديم إذن بالخروج من صاحب العمل في منافذ السفر.
ويمكن أن يكون لإلغاء نظام الكفيل هدف أساسي، وهو تحسين الصورة عالمياً، ولكن هل سيكون نظام «اللا كفيل» أفضل للعامل؟ من المؤكد أنه أفضل للعمالة الوطنية، حيث يحد من تنافس العمالة الوافدة لها، إلا أنه مع الأسف فإن الأعمال التي يقوم بها العامل الوافد لا يقوم بها المواطن، حيث يعمل معظم العمال الوافدين في مثل أعمال البناء وتنظيف الشوارع وضخ الوقود وغيرها، بينما يفضّل المواطنون العمل في الحكومة التي تدفع رواتب أكثر ومزايا أكبر.
أكثر جاذبية
القاعدة الأساسية في نظام «اللا كفيل» أن الدولة هي التي سوف توفر أذونات العمل وليس بناء على طلب صاحب العمل، وذلك حسب احتياجات سوق العمل، وقد يكون هذا النظام أكثر جاذبية للوافد ذي المهارات العالية، ولكن هل سوف يكون هذا النظام أفضل من نظام الكفيل؟ بوجود عقد عمل بين العامل وصاحب العمل فسوف يكون الأخير لاعباً أساسياً كما هو في نظام الكفيل الحالي، بينما تكمن الأفضلية للعامل بمنحه حرية الانتقال من مكان عمل إلى آخر وفق شروط عقد العمل.
النظام الجديد لا يعني عدم وجود شروط تضمن حق صاحب العمل في عدم تعريض أعماله للخسارة بسبب مزاجية العامل، ولكن هل يكون الحل لمشكلة تجارة الإقامات؟ بل ربما يفاقمها إن لم تكن هناك ضوابط صارمة، وقد يتحول مسماها إلى تجارة العقود.
في نظام الكفيل قد يكون هناك استغلال فاسد للسلطة من قبل أصحاب العمل، وقد يصبح أكثر شراسة إذا ما أصبحت الحكومة عبر موظفيها بمنزلة الكفيل الجديد، فالنظامان وجهان لعملة واحدة، وقد بيّنت الأحداث الأخيرة تورط الكثير من المسؤولين على رأس الهرم في استغلال نفوذهم وسلطتهم، فالعبرة ليست بالشكل بقدر ما هو بالتطبيق العادل والنزيه لأي من النظامين.
المحامي عبدالرزاق عبدالله
E-mail: azq@aaplf.com
المصدر https://www.alqabas.com