KEEP IN TOUCH
الشركة تنشأ بعقد، ولا يمكن أن تكتسب الشخصية القانونية التي تؤهلها لمزاولة أعمالها إلا بعد قيدها في السجل التجاري، وعندها تنفصل حقوق والتزامات الشركة عن مؤسسيها وتبدأ حياتها التجارية.
فالشركة كائن قانوني مستقل عن مالكيها ومؤسسيها، فلا علاقة لها بأصلهم ولونهم وأعراقهم، ولكن لها موطن وجنسية وهو مكان تأسيسها، ولجنسية الشركة (وهي ليست بالضرورة جنسية الشركاء) أهمية لتحديد القانون الذي تخضع له في كل ما يتعلق بوضعها القانوني.
وتكتسب الشركة باعتبارها شخصاً معنوياً جميع الحقوق التي يكتسبها الشخص الطبيعي إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعية، وتحتفظ الشركة بشخصيتها المعنوية خلال فترة تصفيتها حماية لمصالح الشركاء والغير الذي تعامل مع الشركة، إلا أنه يجب ألا يستغل الهدف من الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للشركة واستقلاليتها في حماية التصرفات غير القانونية للأشخاص الطبيعيين والتستر ورائها للقيام بتصرفات قانونية لا يجيزها القانون لهم.
مثال ذلك أن يكون هناك مانع قانوني أو أدبي للتعاقد باسم الشخص الطبيعي، فيقوم هذا الشخص بالتعاقد باسم الشركة لحسابه الشخصي، وهذا ما كان حاصلاً بالواقع العملي، عندما أعلنت الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية بتوزيع حيازات زراعية للأمن الغذائي على الشركات المختصة، فتقدم كثير من الأفراد بطلب للحصول على هذه الحيازات بأسماء شركات هم شركاء فيها، أو باسم شركات تابعة لأقاربهم أو أصدقائهم.
وقد تكون الشخصية الاعتبارية للشركة وسيلة للتهرّب من سداد الالتزامات، كأن يقوم الشركاء بالاتفاق على حل وتصفية الشركة وتعيين مصفٍّ يغادر خارج الكويت، بحيث تكون هناك صعوبة في الاستدلال على عنوانه، ويصبح الدائنون أمام شركة تحت التصفية وممثلها القانوني وهو المصفي لا يستدل على عنوانه، أو أن يقوم الشركاء بتفريغ الشركة من أموالها وأصولها وتعيين مدير قد تجاوز الخامسة والستين من عمره، وبالتالي لا يمكن تقديم طلب لاستصدار أمر بحبسه، وهناك ما لا يمكن حصره من التصرفات التي تكون الشخصية المعنوية للشركة ستاراً لتصرفات حقيقية يقصد منها التحايل وإبرام عقود صورية وهمية لمصلحة أشخاص طبيعيين ليس لهم القيام بمثل هذه التصرفات، وإن كانت هذه التصرفات تعتبر تحايلاً على القانون، وإن كان من قام بها يقع تحت طائلة القانون سواء المدنية منها أو الجزائية، إلا أنها تضع الدائنين والمتضررين من هذه التصرفات أمام إجراءات قضائية طويلة قد يعجز أو يأنف هؤلاء عن متابعتها ويكون ضررها أشد وأوقع عليهم، ونرى أن تكون هناك نصوص وتشريعات تتصدى لمثل هذه التحايلات بقوة، حتى لا تستغل الغاية من الاعتراف بالشخصية الاعتبارية للشركة واستقلاليتها في حماية أموال المساهمين والمؤسسين والانحراف به إلى غير ما ابتغاه المشرّع.
المحامي عبدالرزاق عبدالله
المصدر https://www.alqabas.com